يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ أُرِيدَ به الريح فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْله تَعَالَى يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً الأجرة والتجارة قوله تعالى وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ فِي آخَرِينَ هُوَ تَعْلِيمٌ إنْ شَاءَ صَادَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصِدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ إطْلَاقٌ مِنْ حَظْرٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ لما حظر البيع بقوله وَذَرُوا الْبَيْعَ عَقَّبَهُ بِالْإِطْلَاقِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وقوله تعالى وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا قَدْ تَضَمَّنَ إحْرَامًا مُتَقَدِّمًا لِأَنَّ الْإِحْلَالَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قَدْ اقْتَضَى كَوْنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُحْرِمًا فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ وَتَقْلِيدَهُ يُوجِبُ الإحرام ويبدل قوله وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ دُخُولُ مَكَّةَ إلَّا بِالْإِحْرَامِ إذْ كَانَ قَوْلُهُ وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا قد يضمن أَنْ يَكُونَ مَنْ أَمَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ فَعَلَيْهِ إحْرَامٌ يَحِلُّ مِنْهُ وَيَحِلُّ لَهُ الِاصْطِيَادُ بَعْدَهُ وقوله وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا قَدْ أَرَادَ بِهِ الْإِحْلَالَ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْحَرَمِ أَيْضًا لِأَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَظَرَ الِاصْطِيَادَ فِي الْحَرَمِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِيهِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ جَمِيعًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاصْطِيَادِ لِمَنْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْحَلْقِ وَأَنَّ بَقَاءَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ عَلَيْهِ لا يمنع لقوله تعالى وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَهَذَا قَدْ حَلَّ إذْ كَانَ هَذَا الْحَلْقُ وَاقِعًا لِلْإِحْلَالِ وقَوْله تَعَالَى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا قال ابن عباس وقتادة لا يجر منكم لَا يَحْمِلَنَّكُمْ وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ جَرَمَنِي زيد على بغضك أو حَمَلَنِي عَلَيْهِ وَقَالَ الْفَرَّاءُ لَا يَكْسِبَنَّكُمْ يُقَالُ جَرَمْت عَلَى أَهْلِي أَيْ كَسَبْت لَهُمْ وَفُلَانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِهِ أَيْ كَاسِبُهُمْ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَرِيمَةُ نَاهِضٍ فِي رَأْسِ نِيقٍ ... تَرَى لِعِظَامِ مَا جمعت صليبا (?)