هَذَا لَا يَسْتَمِرُّ فَعَقَّبَهُ بَعْدَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ إنْ عَرَضَهَا الْجَانِي اُسْتُحِبَّ قَبُولُهَا، وَإِنْ عَرَضَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ وَجَبَ عَلَى الْجَانِي قَبُولُهَا، وَلَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ الِاعْتِنَاءِ بِهِ، وَفِي الْآيَةِ فُصُولٌ وَأَقْوَالٌ لَمْ نَتَفَرَّغْ لَهَا.

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ]

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [البقرة: 178]: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَفَا عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِمَنْ أَسْلَمَ الْآنَ، وَقَدْ بَيَّنَ لَهُ وَحُدَّتْ الْحُدُودُ، فَإِنْ تَجَاوَزَهَا بَعْدَ بَيَانِهَا فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا وَبِالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ.

[الْآيَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ]

الْآيَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ

قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181] {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 182]

فِيهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} [البقرة: 178]: وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَبَدِيعُ الْإِشَارَةِ فِيهِ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي كِتَابِ " الْمُشْكَلَيْنِ " الْمَحْفُوظِ الْمَعْنَى: ثَبَتَ عَلَيْكُمْ فِي اللَّوْحِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ نَسْخٌ وَلَا يَلْحَقُهُ تَبْدِيلٌ؛ وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ أَنَّ الْفُرُوضَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ، وَفَرْضٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِرَادَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015