[سُورَةُ الْأَعْرَافِ فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً] [الْآيَة الْأُولَى قَوْله تَعَالَى كِتَابٌ أُنْزِلَ إلَيْك فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِك حَرَجٌ مِنْهُ]
الْآيَةُ الْأُولَى
قَوْله تَعَالَى: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 2].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} [الأعراف: 2] نَهْيٌ فِي الظَّاهِرِ، وَلَكِنَّهُ لِنَفْيِ الْحَرَجِ. وَعَجَبًا لَهُ مَعَ عَمَلٍ يَقَعُ فِي مِثْلِهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَنْهَى عَنْ أَشْيَاءَ وَتُوجَدُ، وَيَأْمُرُ بِأَشْيَاءَ فَلَا تُوجَدُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ حَالِهِ؛ قِيلَ لِمُحَمَّدٍ: {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ} [الأعراف: 2]، وَأُعِينَ عَلَى امْتِثَالِ النَّهْيِ بِخَلْقِ الْقُدْرَةِ لَهُ عَلَيْهِ؛ كَمَا فَعَلَ بِهِ فِي سَائِرِ التَّكْلِيفَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْحَرَجُ: هُوَ الضِّيقُ. وَقِيلَ: هُوَ الشَّكُّ. وَقِيلَ: هُوَ التَّبَرُّمُ؛ وَإِلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ؛
فَإِنْ كَانَ هُوَ الشَّكُّ فَقَدْ أَنَارَ اللَّهُ فُؤَادَهُ بِالْيَقِينِ، وَإِنْ كَانَ التَّبَرُّمُ فَقَدْ حَبَّبَ اللَّهُ إلَيْهِ الدِّينَ، وَإِنْ كَانَ الضِّيقُ فَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِالْعُلُومِ، وَشَرَحَ صَدْرَهُ بِالْمَعَارِفِ، وَذَلِكَ مِمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ، وَخَفَّفَ عَلَيْهِ ثِقَلَ الْعِبَادَةِ حَتَّى جُعِلَتْ قُرَّةَ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ