الْحَدِيثِ فَهُوَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ الْأَمَرُّ، وَهُوَ الْمَصَارِينُ، وَلَا أُرَاهُ أَرَادَ إلَّا الْمِرَارَ بِعَيْنِهِ، وَنَبَّهَ بِذِكْرِهِ عَلَى عِلَّةِ كَرَاهَةِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمُسْتَخْبَثِ؛ فَكُرِهَ لِأَجْلِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْآيَة الرَّابِعَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ]

ٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [الأنعام: 146].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا} [الأنعام: 146] فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: هَادُوا: تَابُوا. هَادَ يَهُودُ: تَابَ.

الثَّانِي: هَادَ: إذَا سَكَنَ.

الثَّالِثُ: هَادَ: فَتَرَ.

الرَّابِعُ: هَادَ: دَخَلَ فِي الْيَهُودِيَّةِ.

وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {كُونُوا هُودًا} [البقرة: 135] أَيْ يَهُودًا. ثُمَّ حَذَفَ الْيَاءَ.

فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ التَّائِبُ يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] أَيْ تُبْنَا، وَكُلُّ تَائِبٍ إلَى رَبِّهِ: سَاكِنٌ إلَيْهِ فَاتِرٌ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. وَهَذَا مَعْنَى مُتَقَارِبٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] يَعْنِي مَا لَيْسَ بِمُنْفَرِجِ الْأَصَابِعِ، كَالْإِبِلِ وَالنَّعَامِ وَالْإِوَزِّ وَالْبَطِّ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا يَصِيدُ بِظُفْرِهِ: مِنْ [سِبَاعِ] الطَّيْرِ وَالْكِلَابِ. وَالْحَوَايَا: وَاحِدُهَا حَاوِيَاءُ أَوْ حَوِيَّةٌ، وَهِيَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلِ: الْمَبَاعِرُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015