وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: " الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَبِاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَهُوَ التَّغْلِيظُ، وَبِالْمُصْحَفِ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ بِدْعَةٌ مَا ذَكَرَهَا أَحَدٌ قَطُّ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَكُلُّ فَصْلٍ يُسْتَوْفَى بِمَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]
قِيلَ: هُمَا الْوَصِيَّانِ إذَا اُرْتِيبَ بِقَوْلِهَا. وَقِيلَ: هُمَا الشَّاهِدَانِ إذَا لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ وَارْتَابَ بِهِمَا الْحَاكِمُ حَلَّفَهُمَا.
وَاَلَّذِي سَمِعْت وَهُوَ بِدْعَةٌ عَنْ أَبِي لَيْلَى أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ مَعَ شَاهِدَيْهِ أَنَّ الَّذِي شَهِدَا بِهِ حَقٌّ، وَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِالْحَقِّ.
وَتَأْوِيلُ هَذَا عِنْدِي إذَا ارْتَابَ الْحَاكِمُ بِالْقَبْضِ لِلْحَقِّ فَيَحْلِفُ إنَّهُ لَبَاقٍ. وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. هَذَا فِي الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحْبَسُ الشَّاهِدُ أَوْ يَحْلِفُ؟ هَذَا مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ: {بِاللَّهِ} [المائدة: 106]
وَهَذَا نَصٌّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي تَرْكِ التَّغْلِيظِ بِالْأَلْفَاظِ.
وَاَلَّذِي أَقُولُ: إنَّهُ إنْ كَانَ الْحَالِفُ كَافِرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَرْدِ الْأَقْوَالِ وَالرِّوَايَاتِ، وَقُلْنَا بِالتَّغْلِيظِ فَلَا يُقَالُ لَهُ فِي التَّغْلِيظِ قُلْ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ بِهَا. وَعَلَى إقْرَارِهِمْ عَلَى هَذَا الْإِنْكَارِ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ، وَلَكِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ، كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْيَهُودِ: أَنْشُدُكُمْ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى»، وَتَغَلَّظَ عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِالزَّمَانِ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ، كَمَا تَقَدَّمَ