قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] فِيهِ تِسْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ:
الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا مَاتَ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِزَوْجَتِهِ مِنْ وَلِيِّهَا، يَتَزَوَّجُهَا أَوْ يُنْكِحُهَا لِغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا أَلْقَى أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِهِ عَلَيْهَا ثَوْبًا، فَكَانَ أَوْلَى بِهَا، حَتَّى مَاتَ ابْنُ عَامِرٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْآيَةَ، وَنَحْوُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] الْقَوْلُ فِي الْعَضْلِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ؛ قِيلَ فِيهَا أُمِرُوا بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِنَّ إذَا لَمْ يَرِثُوهُنَّ. وَقِيلَ: هَذَا خِطَابٌ لِلْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يَمْنَعُ الرَّجُلُ [مِنْهُمْ] امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ تَتَزَوَّجَ حَتَّى تَمُوتَ فَيَرِثُهَا؛ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] قِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ إذَا لَمْ يَتَّفِقُوا مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ، نُهُوا أَنْ يُمْسِكُوهُنَّ عَلَى غَيْرِ عِشْرَةٍ جَمِيلَةٍ حَتَّى يَأْخُذُوا مَا أَعْطُوهُنَّ. وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَاهِلِيَّةُ نُهُوا أَنْ يَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنْ النِّكَاحِ