الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَدْرُونَ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فِي الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنْسَيْنِ يَشْفَعُ فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
الثَّانِي: لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا؛ أَيُّهُمْ أَرْفَعُ دَرَجَةً فِي الدُّنْيَا؛ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تُرِكَ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ: الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ لَمْ يُؤْمَنْ إذَا قَسَّمَ التَّرِكَةَ فِي الْوَصِيَّةِ، حِيفَ أَحَدُكُمْ، لِتَفْضِيلِ ابْنٍ عَلَى بِنْتٍ، أَوْ أَبٍ عَلَى أُمٍّ، أَوْ وَلَدٍ عَلَى وَلَدٍ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ عَلَى أَحَدٍ، فَتَوَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَسْمَهَا بِعِلْمِهِ، وَأَنْفَذَ فِيهَا حِكْمَتَهُ بِحُكْمِهِ، وَكَشَفَ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَعَبَّرَ لَكُمْ رَبُّكُمْ عَنْ وِلَايَةِ مَا جَهِلْتُمْ، وَتَوَلَّى لَكُمْ بَيَانَ مَا فِيهِ نَفْعُكُمْ وَمَصْلَحَتُكُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12]
فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قِرَاءَتِهَا: قُرِئَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِهَا مَكْسُورَةً، فَإِنْ كَانَ بِالْفَتْحِ فَذَلِكَ عَائِدٌ لِلْمَيِّتِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: {كَلالَةً} [النساء: 12] حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي يُورَثُ.