الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى لِبَاسِ الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ وَحُسْنِهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا نَزَلَتْ الْمَلَائِكَةُ بِهِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ لَبِسَ نَعْلًا أَصْفَرَ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ. وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدِي فَانْظُرْ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: إنَّ اللَّهَ قَضَى حَاجَةَ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى بَقَرَةٍ صَفْرَاءَ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي جَزِّ النَّوَاصِي وَالْأَذْنَابِ فَضَعِيفٌ لَمْ يَصِحَّ؛ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ». وَهَذَا إنْ صَحَّ تَعْضُدُهُ الْمُشَاهَدَةُ فِيهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ِ} [آل عمران: 159] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الْأَمْرِ لِيَسْتَشِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ وَيَسْتَخْرِجَ مَا عِنْدَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شُرْت الدَّابَّةَ أَشُورهَا إذَا رُضْتهَا لِتَسْتَخْرِجَ أَخْلَافَهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَاذَا تَقَعُ الْإِشَارَةُ؟: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِشَارَةُ فِي الْحَرْبِ، وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا رَأْيٌ بِقَوْلٍ، وَإِنَّمَا هِيَ بِوَحْيٍ مُطْلَقٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ حِينَ خَطَبَ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَاَللَّهِ مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا» يَعْنِي بِقَوْلِهِ " أَبَنُوهُمْ " عَيَّرُوهُمْ.