الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُطَاوَعَةَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِزَوْجِهَا عَلَى الْوَطْءِ لَا تُسَاوِيهِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ قَوْله تَعَالَى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: 36]. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَعَجَبًا لِغَفْلَتِهِ وَغَفْلَةِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْهُ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَاجَّهُ فِيهِ، وَهَذَا خَبَرٌ عَنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا؛ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، فَاسْكُتْ وَاصْمُتْ. ثُمَّ نَقُولُ لِأَنْفُسِنَا: نَحْنُ نَعْلَمُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي جَاءَتْ بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَهِيَ عَلَى قَصْدِ الْعُمُومِ، وَاَلَّتِي جَاءَتْ بِلَفْظِ الْعُمُومِ وَهِيَ عَلَى قَصْدِ الْخُصُوصِ.
وَهَذِهِ الصَّالِحَةُ إنَّمَا قَصَدَتْ بِكَلَامِهَا مَا تَشْهَدُ لَهُ بَيِّنَةُ حَالِهَا وَمَقْطَعُ كَلَامِهَا فَإِنَّهَا نَذَرَتْ خِدْمَةَ الْمَسْجِدِ فِي وَلَدِهَا، وَرَأَتْهُ أُنْثَى لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَرْزَةً، وَإِنَّمَا هِيَ عَوْرَةٌ؛ فَاعْتَذَرَتْ إلَى رَبِّهَا مِنْ وُجُودِهَا لَهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَصَدَتْهُ فِيهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ الْعُمُومَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْعُمُومَ وَغَيْرَهُ، وَسَاعَدَنَا عَلَيْهِ ابْنُ الْجُوَيْنِيِّ، وَحَقَّقْنَاهُ؛ فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَتْ: إنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَكَانَتْ الْمُعَاذَةُ هِيَ وَابْنُهَا عِيسَى، فَبِهِمَا وَقَعَ الْقَبُولُ مِنْ جُمْلَةِ الذُّرِّيَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذُّرِّيَّةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى الْوَلَدِ خَاصَّةً، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَقِب مِنْ الْأَحْكَامِ. وَفِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 39] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَصُورَ هُوَ الْعِنِّينُ وَهُمْ الْأَكْثَرُ، وَمِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ.