فَمُرَاعَاةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مُطَلَّقَةٍ، لَكِنَّ الْقُرْآنَ خَصَّ مِنْهَا الْآيِسَةَ وَالصَّغِيرَةَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ بِالْأَشْهُرِ، وَخَصَّ مِنْهَا الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] وَعُرِضَتْ هَاهُنَا مَسْأَلَةٌ رَابِعَةٌ وَهِيَ الْأَمَةُ، فَإِنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ، خَرَجَتْ بِالْإِجْمَاعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ جَمَاعَةٌ: قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]: خَبَرٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ بَلْ هُوَ خَبَرٌ عَنْ حُكْمِ الشَّرْعِ؛ فَإِنْ وُجِدَتْ مُطَلَّقَةٌ لَا تَتَرَبَّصُ فَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُقُوعُ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى خِلَافَ مَخْبَرَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ بَيَانًا شَافِيًا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: الْحَيْضُ.
الثَّانِي: الْحَمْلُ.
الثَّالِثُ: مَجْمُوعُهُمَا.
وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا أَمِينَةً عَلَى رَحِمِهَا، فَقَوْلُهَا فِيهِ مَقْبُولٌ؛ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ إلَّا بِخَبَرِهَا، وَقَدْ شَكَّ فِي ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ لِقُصُورِ فَهْمِهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى قَوْلِهَا فِي دَعْوَى الشَّغْلِ لِلرَّحِمِ أَوْ الْبَرَاءَةِ، مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهَا، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا حِضْت أَوْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَقَالَتْ: حِضْت أَوْ حَمَلْت، هَلْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ مِنْ عُلَمَائِنَا بِوُقُوفِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ: هَلْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَالْعِدَّةُ لَا خِلَافَ فِيهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا.