[سورة المعارج فيها ثلاث آيات]

الآية الأولى قوله تعالى: {وفصيلته التي تؤويه}

[سُورَة الْمَعَارِجِ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ] [الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ]

الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْفَصِيلَةُ فِي اللُّغَةِ عِنْدَهُمْ أَقْرَبُ مِنْ الْقَبِيلَةِ، وَأَصْلُ الْفَصِيلَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ اللَّحْمِ. وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْفَصِيلَةَ مِنْ فَصَلَ، أَيْ قَطَعَ، أَيْ مَفْصُولَةٌ كَالْأَكِيلَةِ مِنْ أَكَلَ، وَالْأَخِيذَةِ مِنْ أَخَذَ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ فَصَلْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ فَصِيلَةٌ؛ فَهَذَا حَقِيقَةٌ فِيهِ يَشْهَدُ لَهُ الِاشْتِقَاقُ. وَأَدْنَى الْفَصِيلَةِ الْأَبَوَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7].

وَقَالَ: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78]؛ فَهَذَا هُوَ أَدْنَى الْأَدْنَى، وَلِهَذَا التَّحْقِيقِ تَفَطَّنَ إمَامُ دَارِ الْهِجْرَةِ وَحَبْرُ الْمِلَّةِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَشْهَبُ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13] قَالَ: هِيَ أُمُّهُ، فَعَبَّرَ عَنْ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِالْأَصْلِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: هِيَ عَشِيرَتُهُ، وَالْعَشِيرَةُ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا فَصِيلَةً فَإِنَّ الْفَصِيلَةَ الدَّانِيَةَ هِيَ الْأُمُّ، وَهِيَ أَيْضًا الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} [المعارج: 11 - 12] {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13] فَذَكَرَ لِلْقَرَابَةِ مَعْنَيَيْنِ، وَخَتَمَهَا بِالْفَصِيلَةِ الْمُخْتَصَّةِ مِنْهُمْ، وَهِيَ الْأُمُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015