قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا

فَتَوَاصَيْت أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى أَيَّتِنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْت مَغَافِيرَ، إنِّي أَجِدُ مِنْك رِيحَ مَغَافِيرَ. قَالَ: لَا. وَلَكِنِّي شَرِبْت عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ. وَقَدْ حَلَفْت لَا تُخْبِرِي أَحَدًا يَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِهِ».

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ شَرِبَهُ عِنْدَ حَفْصَةَ، وَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ الْقِصَّةِ، وَكَذَلِكَ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ. وَالْأَكْثَرُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ عِنْدَ زَيْنَبَ، وَأَنَّ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَيْهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ شَرِبَهُ عِنْدَ سَوْدَةَ. وَرَوَى أَسْبَاطٌ عَنْ السُّدِّيِّ أَنَّهُ شَرِبَهُ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكُلُّهُ جَهْلٌ وَتَسَوُّرٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَمَّا مَنْ رَوَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْمَوْهُوبَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ فِي السَّنَدِ، وَضَعِيفٌ فِي الْمَعْنَى؛ أَمَّا ضَعْفُهُ فِي السَّنَدِ فَلِعَدَمِ عَدَالَةِ رُوَاتِهِ، وَأَمَّا ضَعْفُهُ فِي مَعْنَاهُ فَلِأَنَّ رَدَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَوْهُوبَةِ لَيْسَ تَحْرِيمًا لَهَا؛ لِأَنَّ مَنْ رَدَّ مَا وُهِبَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا حَقِيقَتُهُ التَّحْرِيمِ بَعْدَ التَّحْلِيلِ.

وَأَمَّا مَنْ رَوَى أَنَّهُ حَرَّمَ مَارِيَةَ فَهُوَ أَمْثَلُ فِي السَّنَدِ، وَأَقْرَبُ إلَى الْمَعْنَى؛ لَكِنَّهُ لَمْ يُدَوَّنْ فِي صَحِيحٍ، وَلَا عُدِّلَ نَاقِلُهُ، كَمَا أَنَّهُ رُوِيَ مُرْسَلًا.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ؛ قَالَ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؛ وَاَللَّهِ لَا أَتَيْتُك. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]».

وَرَوَى مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ.

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: رَاجَعَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي شَيْءٍ، فَاقْشَعَرَّ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ: مَا كَانَ النِّسَاءُ هَكَذَا. قَالَتْ: بَلَى، وَقَدْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015