شَتَاتَ الرَّأْيِ، وَيُحْكِمُ الْمَعْنَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إلَى هَذَا الْقَدْرِ فَيَقُولُ مَالِكٌ: إنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَعْنَاهَا يَعُودُ إلَى آيَةِ الْأَنْفَالِ وَيَلْحَقُهَا النَّسْخُ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِالْإِحْكَامِ، وَنَحْنُ لَا نَخْتَارُ إلَّا مَا قَسَّمْنَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ لَهَا مَعْنًى مُجَدَّدٌ حَسْبَمَا دَلَّلْنَا عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
} [الحشر: 7].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْمَعْنَى؛ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَعْنَاهَا مَا أَعْطَاكُمْ مِنْ الْفَيْءِ، وَمَا مَنَعَكُمْ مِنْهُ فَلَا تَطْلُبُوهُ.
الثَّانِي: مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ الْغُلُولِ فَلَا تَأْتُوهُ.
الثَّالِثُ: مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِي فَافْعَلُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِي فَاجْتَنِبُوهُ. وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لِعُمُومِهِ تَنَاوَلَ الْكُلَّ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِيهِ مُرَادٌ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَقَعَ الْقَوْلُ هَاهُنَا مُطْلَقًا بِذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا تَحْقِيقَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا أَمَرَ النَّبِيُّ بِأَمْرٍ كَانَ شَرْعًا، وَإِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ شَرْعًا
وَلِذَلِكَ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَسِيفِ الَّذِي