وَفِي قَوْلِهِ (مَا) اخْتِلَافٌ بَيْنَ النُّحَاةِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ صِلَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مَعَ الْفِعْلِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ؛ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْمُلْجِئَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَمْدُوحَةٌ شَرْعًا إجْمَاعًا، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، لِأَجْلِ فَرَاغِ الْقَلْبِ وَضَمَانِ الْإِجَابَةِ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
َ} [الذاريات: 18].
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَمُدُّ الصَّلَاةَ إلَى السَّحَرِ. قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يُرِيدُ مَالِكٌ بِالرَّجُلِ الرَّبِيعَ بْنَ خُثَيْمٍ.
وَقِيلَ: هِيَ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَهْلِ قُبَاءَ. وَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ هَذَا لُبَابُهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا قَلَّ لَيْلَةٌ تَمُرُّ بِهِمْ إلَّا أَصَابُوا مِنْهَا خَيْرًا.
قَالَ الْقَاضِي: وَخَصَّ السَّحَرَ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ أَسْمَعُ». وَرُوِيَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا ذَهَبَ الثُّلُثُ الْأَوَّلُ، وَفِي رِوَايَةٍ: إذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، وَأَصَحُّهُ إذَا بَقِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ يَنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ».
ِ} [الذاريات: 19].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: