وَلَكِنْ لَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِ بِإِجْمَاعٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَصْلَ التَّأَهُّلِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا لَيْسَ بِيَقِينٍ، وَقَدْ يَتَبَدَّلُ رَبْطُهَا وَيَنْحَلُّ بِالطَّلَاقِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: آلُ مُحَمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ، وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْإِيمَانَ أَخَصُّ مِنْ الْقَرَابَةِ، وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَةُ وَقُصِدَ بِالرَّحْمَةِ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ: يَدْخُلُ فِي الْأَهْلِ مَنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبَوَيْنِ فَوَفَّى الِاشْتِقَاقَ حَقَّهُ، وَغَفَلَ عَنْ الْعُرْفِ وَمُطْلَقِ الِاسْتِعْمَالِ. وَهَذِهِ الْمَعَانِي إنَّمَا تُبْنَى عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ الْعُرْفِ الْمُسْتَعْمَلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَهَذَانِ لَفْظَانِ.
اللَّفْظُ الثَّامِنُ الْقَرَابَةُ، وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَابْنِ عَبْدُوسٍ: إنَّهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ، وَلَا وَلَدُ الْخَالَاتِ. الثَّانِي يَدْخُلُ فِيهِ أَقَارِبُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ؛ قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ. الثَّالِثُ: قَالَ أَشْهَبُ: يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. الرَّابِعُ قَالَ ابْنُ كِنَانَةٍ: يَدْخُلُ فِيهِ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالَ: إلَّا أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إلَّا كَانَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَابَةٌ، فَهَذَا يَضْبِطُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
اللَّفْظُ التَّاسِعُ: الْعَشِيرَةُ، وَيَضْبِطُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُطُونَ قُرَيْشٍ وَسَمَّاهُمْ» كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُمْ الْعَشِيرَةُ