فَسَلَّمْت، وَقُلْت: أَثَمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا، فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ، قُلْت لَهُ: أَيْنَ أَبُوك، فَقَالَ: سَمِعَ صَوْتَك فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي، فَقُلْت: اُخْرُجْ إلَيَّ، فَقَدْ عَلِمْت أَيْنَ أَنْتَ، فَخَرَجَ، فَقُلْت لَهُ: مَا حَمَلَك عَلَى أَنْ اخْتَبَأْت مِنِّي؟ قَالَ: أَنَا وَاَللَّهِ أُحَدِّثُك، ثُمَّ لَا أَكْذِبُك، خَشِيت وَاَللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَك فَأَكْذِبَك، وَأَعِدُك فَأُخْلِفُك، وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُنْت وَاَللَّهِ مُعْسِرًا. قَالَ: فَقُلْت: آللَّهُ، قَالَ: آللَّهُ. قُلْت: آللَّهُ، قَالَ: آللَّهُ، قَالَ: فَقُلْت: آللَّهُ، قَالَ: آللَّهُ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ. قَالَ: إنْ وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ. .
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَهَذَا فِي الْحَيِّ الَّذِي يُرْجَى لَهُ الْأَدَاءُ لِسَلَامَةِ الذِّمَّةِ، وَرَجَاءِ التَّحَلُّلِ، فَكَيْفَ بِالْمَيِّتِ الَّذِي لَا مَحَالَةَ مَعَهُ، وَلَا ذِمَّةَ مَعَهُ،
الْآيَةُ الثَّامِنَةُ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 50]. فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: قَوْلُهُ {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا} [الشورى: 49] يَعْنِي لُوطًا كَانَ لَهُ بَنَاتٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ إبْرَاهِيمُ كَانَ لَهُ بَنُونَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بِنْتٌ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا} [الشورى: 50] يَعْنِي آدَمَ، كَانَتْ حَوَّاءُ تَلِدُ لَهُ فِي كُلِّ بَطْنٍ وَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى؛ فَيُزَوِّجُ الذَّكَرَ مِنْ هَذَا الْبَطْنِ مِنْ الْأُنْثَى مِنْ هَذَا الْبَطْنِ الْآخَرِ، حَتَّى أَحْكَمَ اللَّهُ التَّحْرِيمَ فِي شَرْعِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، مِنْ الْأَوْلَادِ: الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبِ،