وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ أَنَّ فَصْلَ الْخِطَابِ هُوَ الْفَهْمُ وَإِصَابَةُ الْقَضَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي وَصْفِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق: 13] {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 14] لِمَا فِيهِ مِنْ إيجَازِ اللَّفْظِ، وَإِصَابَةِ الْمَعْنَى، وَنُفُوذِ الْقَضَاءِ.
َ} [ص: 21] {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص: 22].
الْآيَةُ فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْخَصْمُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وُقُوعَ الْمَصَادِرِ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمَا كَانَا اثْنَيْنِ، فَيَنْتَظِمُ الْكَلَامُ بِهِمَا، وَيَصِحُّ الْمُرَادُ فِيهِمَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] يَعْنِي جَاءُوا مِنْ أَعْلَاهُ. وَالسُّورَةُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ كَانَتْ بُقْعَةً مَحْسُوسَةً أَوْ مَنْزِلَةً مَعْقُولَةً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاك سُورَةً ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ
فَهَذَا هُوَ الْمَنْزِلَةُ. وَسُورُ الْمَدِينَةِ الْمَوْضِعُ الْعَالِي مِنْهَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَالسُّؤْرُ مَهْمُوزٌ: بَقِيَّةُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْإِنَاءِ. وَالسُّؤْرُ: الْوَلِيمَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ