الْكَرِيمِ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّقْوِيمِ. كَمَا انْتَهَى الْإِفْرَاطُ بِقَوْمٍ إلَى أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِ النَّمْلَةِ لَهُ أَنْ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ أَرَى لَك مُلْكًا عَظِيمًا، فَمَا أَعْظَمُ جُنْدِك؟ قَالَ لَهَا: تَسْخِيرُ الرِّيحِ. قَالَتْ لَهُ: إنَّ اللَّهَ أَعْلَمَك أَنَّ كُلَّ مَا أَنْتَ فِيهِ فِي الدُّنْيَا رِيحٌ. وَمَا أَحْسَنُ الِاقْتِصَادَ، وَأَضْبَطُ السَّدَادَ لِلْأُمُورِ وَالِانْتِقَادَ،
وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْقَوْلُ فِي التَّبَسُّمِ: وَهُوَ أَوَّلُ الضَّحِكِ، وَآخِرُهُ بُدُوُّ النَّوَاجِذِ؛ وَذَلِكَ يَكُونُ مَعَ الْقَهْقَهَةِ، وَجُلُّ ضَحِكِ الْأَنْبِيَاءِ التَّبَسُّمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مِنْ الضَّحِكِ مَكْرُوهٌ، لِقَوْلِهِ: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 82].
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَانَ لَا يَضْحَكُ؛ اهْتِمَامًا بِنَفْسِهِ وَفَسَادِ حَالِهِ فِي اعْتِقَادِهِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا طَائِعًا. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَضْحَكُ، وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْكُفَّارِ: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ النِّفَاقِ يَعْنِي ضَحِكَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ تَهْدِيدٌ لَا أَمْرٌ بِالضَّحِكِ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ رِفَاعَةُ طَلَّقَهَا فَبَتَّ طَلَاقَهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَاَللَّهِ مَا مَعَهُ إلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ الْهُدْبَةُ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَخَالِدٌ جَالِسَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ، فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي: