نَحْنُ حَمَيْنَا عَنْ بُضَاعَةَ كُلِّهَا ... وَنَحْنُ بَنَيْنَا مَعْرِضًا هُوَ مُشْرِفُ
فَأَصْبَحَ مَعْمُورًا طَوِيلًا قَذَالُهُ ... وَتَخْرَبُ آطَامٌ بِهَا وَتَقَصَّفُ
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ فِي أَحْكَامِ الْمِيَاهِ أَنَّ وُرُودَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ لَيْسَ كَوُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». فَمَنَعَ مِنْ وُرُودِ الْيَدِ عَلَى الْمَاءِ، وَأَمَرَ بِإِيرَادِ الْمَاءِ عَلَيْهَا، وَهَذَا أَصْلٌ بَدِيعٌ فِي الْبَابِ، وَلَوْلَا وُرُودُهُ عَلَى النَّجَاسَةِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا لَمَا طَهُرَتْ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ: «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ».
رُوِيَ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ، فَبَايَعَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَامَ فَفَشَجَ يَعْنِي فَرَّجَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَعَجَّلَ النَّاسُ إلَيْهِ؟ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تُزْرِمُوهُ ثُمَّ دَعَا بِهِ، فَقَالَ أَلَسْت بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا حَمَلَك عَلَى أَنْ بُلْت فِي مَسْجِدِنَا؟ قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا ظَنَنْت إلَّا أَنَّهُ صَعِيدٌ مِنْ الصُّعُدَاتِ، فَبُلْت فِيهِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَى بَوْلِهِ».