الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ} [النور: 61]
فَأَبَاحَ الْأَكْلَ لِهَؤُلَاءِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ فِي الْأَكْلِ إذَا كَانَ الطَّعَامُ مَبْذُولًا. فَإِنْ كَانَ مُحْرَزًا دُونَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَخْذُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزُوا إلَى الِادِّخَارِ، وَلَا إلَى مَا لَيْسَ بِمَأْكُولٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرَزٍ عَنْهُمْ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: 61]:
فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَنَى بِهِ وَكِيلَ الرَّجُلِ عَلَى ضَيْعَتِهِ، وَخَازِنَهُ عَلَى مَالِهِ؛ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا هُوَ قَيِّمٌ عَلَيْهِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مَنْزِلَ الرَّجُلِ نَفْسِهِ، يَأْكُلُ مِمَّا ادَّخَرَهُ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ عَنَى بِهِ أَكْلَ السَّيِّدِ مِنْ مَنْزِلِ عَبْدِهِ وَمَالِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ؛ حَكَاهُ ابْنُ عِيسَى.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61]:
فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْكُلَ مِنْ بَيْتِ صَدِيقِهِ فِي وَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ حَاضِرًا غَيْرَ مُحْرَزٍ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَالْأَصْدِقَاءُ أَكْثَرُ مِنْ الْآبَاءِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَهَنَّمِيِّينَ لَمْ يَسْتَغِيثُوا بِالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَإِنَّمَا قَالُوا: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ - وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 100 - 101].
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فِي تَنْقِيحِ مَعَانِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعَةِ: وَذَلِكَ يَكُونُ بِنَظْمِ التَّأْوِيلِ فِي الْأَقْوَالِ عَلَى سَرْدٍ، فَيَتَبَيَّنُ الْمَعْنَى الْمُسْتَقِيمُ مِنْ غَيْرِهِ.