شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ يَعْنِي إرْثَ النُّبُوَّةِ، مِنْ إبْرَاهِيمَ، وَهُوَ الشَّجَرُ الْمُبَارَكَةُ، يَعْنِي حَنِيفَةً لَا شَرْقِيَّةً وَلَا غَرْبِيَّةً، لَا يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً، يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ، وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ.
يَقُولُ: يَكَادُ إبْرَاهِيمُ يَتَكَلَّمُ بِالْوَحْيِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ، نُورٌ عَلَى نُورٍ إبْرَاهِيمُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ.
قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا كُلُّهُ عُدُولٌ عَنْ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ فِي التَّمْثِيلِ أَنْ يَتَوَسَّعَ الْمَرْءُ فِيهِ، وَلَكِنْ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي شَرَّعْنَاهَا فِي قَانُونِ التَّأْوِيلِ لَا عَلَى الِاسْتِرْسَالِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُخْرِجُ الْأَمْرَ عَنْ بَابِهِ، وَيَحْمِلُ عَلَى اللَّفْظِ مَا لَا يُطِيقُهُ، فَمَنْ أَرَادَ الْخِبْرَةَ بِهِ وَالشِّفَاءَ مِنْ دَائِهِ فَلْيَنْظُرْ هُنَالِكَ.
الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ قَوْله تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور: 36].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اُخْتُلِفَ فِي الْبُيُوتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا الْمَسَاجِدُ؛ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ.
الثَّانِي: أَنَّهَا بَيْتُ الْمَقْدِسِ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا سَائِرُ الْبُيُوتِ؛ قَالَهُ عِكْرِمَةُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: (تُرْفَعُ): فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: تُبْنَى، كَمَا قَالَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127].
قَالَهُ مُجَاهِدٌ.