وَفِي صَحِيحِ مُسْلِم: " فَنَزَّلَنِي زَيْدٌ " أَيْ رَتَّبَ لِي مَنَازِلَ كَثِيرَةً.
الثَّانِي: عَلَى مَعْنَى التَّكْثِيرِ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [النور: 1]
فِيهَا حِجَجٌ وَتَوْحِيدٌ، وَفِيهَا دَلَائِلُ الْأَحْكَامِ، وَالْكُلُّ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ: حِجَجُ الْعُقُولِ تُرْشِدُ إلَى مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ، وَدَلَائِلُ الْأَحْكَامِ تُرْشِدُ إلَى وَجْهِ الْحَقِّ، وَتَرْفَعُ غُمَّةَ الْجَهْلِ؛ وَهَذَا هُوَ شَرَفِ السُّورَةِ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا وَقَعَ التَّحَدِّي بِهِ فِي سَبِيلِ الْمُعْجِزَةِ، فَيَكُونُ شَرَفًا لِلنَّبِيِّ فِي الْوِلَايَةِ، شَرَفًا لَنَا فِي الْهِدَايَةِ.
ٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].
فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {الزَّانِيَةُ} [النور: 2]
قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حَدِّ الزِّنَا، وَحَقِيقَتُهُ، وَأَنَّهُ الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ شَرْعًا فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا شُبْهَةِ مِلْكٍ، كَانَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ، فِي ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِاسْمِ اللُّغَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ كَانَ بِأَنَّ اللِّوَاطَ فِي مَعْنَى الزِّنَا فَحَسَنٌ أَيْضًا، وَلَا مُبَالَاةَ كَيْفَ يُرَدُّ الْأَمْرُ عَلَيْكُمْ، فَقَدْ أَحْكَمْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَحَقَقْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ بِأَدِلَّتِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِيهِمَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ إعْرَابًا وَقِرَاءَةً وَمَعْنًى، كِفَّةً كِفَّةً؛ فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهِ.