الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَدِينَةِ: لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَوَاشِي أَنْ يُخْرِجُوا مَوَاشِيَهُمْ إلَى قُرَى الزَّرْعِ بِغَيْرِ ذُوَّادٍ، فَرَكَّبَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْبُقْعَةَ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ بُقْعَةَ زَرْعِ أَوْ بُقْعَةَ سَرْحٍ، فَإِنْ كَانَتْ بُقْعَةَ زَرْعٍ فَلَا تَدْخُلُهَا مَاشِيَةٌ إلَّا مَاشِيَةً تُحْتَاجُ فِي الزَّرْعِ، وَعَلَى أَرْبَابِهَا حِفْظُهَا، وَمَا أَفْسَدَتْ [فَصَاحِبُهَا] ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَإِنْ كَانَتْ بُقْعَةَ سَرْحٍ فَعَلَى صَاحِبِ الزَّرْعِ الَّذِي يَحْرُثُهُ فِيهَا حِفْظُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَشْهَبُ، وَابْنُ نَافِعٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ: سَوَاءٌ كَانَتْ الثِّمَارُ وَالزُّرُوعُ مُحْظَرًا عَلَيْهَا أَوْ بِغَيْرِ حِظَارٍ، وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِالْحِظَارِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَخْتَلِفُ. وَهَذَا أَصْوَبُ، فَإِنَّ الْعَجْمَاءَ لَا يَرُدُّهَا حِظَارٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: الْمَوَاشِي عَلَى قِسْمَيْنِ ضَوَارِي، وَحَرِيسَةٌ، وَعَلَيْهَا قَسَّمَهَا مَالِكٌ، فَالضَّوَارِي هِيَ الْمُعْتَادَةُ لِلزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، فَقَالَ مَالِكٌ: تُغَرَّبُ وَتُبَاعُ فِي بَلَدٍ لَا زَرْعَ فِيهِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ رَبُّهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي ضَرِيَتْ إفْسَادَ الزَّرْعِ: تُغَرَّبُ وَتُبَاعُ. وَأَمَّا مَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَلَا يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِإِخْرَاجِهِ، هَذَا بَيِّنٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَصْبَغُ: النَّحْلُ، وَالْحَمَامُ، وَالْإِوَزُّ، وَالدَّجَاجُ، كَالْمَاشِيَةِ، لَا يُمْنَعُ صَاحِبُهَا مِنْ اتِّخَاذِهَا، وَإِنْ أَضَرَّتْ، وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زُرُوعِهِمْ.