الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ} [النحل: 69]: يَعْنِي: الْعَسَلَ، عَدَّدَهَا اللَّهُ فِي نِعَمِهِ، وَذَكَرَ شَرَابَهُ مُمْتَنًّا بِهِ، وَسَمَّاهُ شَرَابًا وَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا؛ لِأَنَّهُ يُصْرَفُ فِي الْأَشْرِبَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَصْرِيفِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ، وَذَلِكَ بِالشَّرَابِيَّةِ أَخَصُّ كَمَا أَنَّ الْجَامِدَ أَخَصُّ بِالطَّعَامِيَّةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69]: يُرِيدُ أَنْوَاعَهُ مِنْ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَصْفَرِ، وَالْجَامِدِ وَالسَّائِلِ؛ وَالْأُمُّ وَاحِدَةٌ، وَالْأَوْلَادُ مُخْتَلِفُونَ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ نَوَّعَتْهُ بِحَسَبِ تَنْوِيعِ الْغِذَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ عَلَى صِفَتِهِ، وَلَا يَجِيءُ إلَّا مِنْ جِنْسِهِ، وَلَكِنْ يُؤَثِّرُ بَعْضُ التَّأْثِيرِ فِيهِ لِيَدُلَّ عَلَيْهِ؛ وَيُغَيِّرُهُ اللَّهُ، لِتَتَبَيَّنَ قُدْرَتُهُ فِي التَّصْرِيفِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ} [الرعد: 4].

[مَسْأَلَة أَمَرَ الَّذِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ بِشُرْبِ الْعَسَلِ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]: وَقَدْ رَوَى الْأَئِمَّةُ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ».

وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةِ نَارٍ». وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ. فَقَالَ: اسْقِهِ عَسَلًا. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: اسْقِهِ عَسَلًا. ثُمَّ أَتَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015