أَحَدُهَا: أَنَّ اللِّسَانَ يَكْفِي فِي السَّلَامِ، وَأَمَّا حَرَكَةُ الْبَدَنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَمْ يُشْرَعْ فِي السَّلَامِ، لَا تَحْرِيكُ يَدٍ [وَلَا قَدَمٍ] وَلَا قِيَامُ بَدَنٍ.
الثَّانِي: أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ، وَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ فِي مَشْهُورِ الْأَقْوَالِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ الْقِيَامُ لِلرَّجُلِ الْكَبِيرِ بُدَاءَةً إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ، كَمَا «قَالَ النَّبِيُّ لِجُلَسَائِهِ حِينَ جَاءَ سَعْدٌ: قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ»؛ فَإِنْ أَثَّرَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ عَوْنُهُ عَلَى ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ».
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِشَارَةُ بِالْإِصْبَعِ إذَا بَعُدَ عَنْك لِتُعَيِّنَ لَهُ أَوْ بِهِ وَقْتَ السَّلَامِ، فَإِنْ كَانَ دَانِيًا فَلَا بَأْسَ بِالْمُصَافَحَةِ، فَقَدْ «صَافَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعْفَرًا، حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ»، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا» خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ كَرِهَ مَالِكٌ الْمُصَافَحَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا أَمْرًا عَامًّا فِي الدِّينِ، وَلَا شَائِعًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا مَنْقُولًا نَقْلَ السَّلَامِ؛ وَلَوْ كَانَ مِنْهُ لَاسْتَوَى مَعَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ.