وَادِيًا، وَلَا قَطَعْتُمْ شِعْبًا إلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ»؛ فَأَعْطَى لِلْمَعْذُورِ مِنْ الْأَجْرِ مَا أَعْطَى لِلْقَوِيِّ الْعَامِلِ بِفَضْلِهِ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ غَيْرَ مُضَاعَفٍ، وَيُضَاعَفُ لِلْعَامِلِ الْمُبَاشِرِ.

وَهَذَا تَحَكُّمٌ عَلَى اللَّهِ، وَتَضْيِيقٌ لِسَعَةِ رَحْمَتِهِ؛ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الصَّحِيحَيْنِ.

وَلِذَلِكَ قَدْ رَابَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ، فَقَالَ أَنْتُمْ تُعْطَوْنَ الثَّوَابَ مُضَاعَفًا قَطْعًا، وَنَحْنُ لَا نَقْطَعُ بِالتَّضْعِيفِ فِي مَوْضِعٍ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مِقْدَارِ النِّيَّاتِ، وَهُوَ أَمْرٌ مُغَيَّبٌ، وَاَلَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّ هُنَالِكَ تَضْعِيفًا، وَرَبُّك أَعْلَمُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ، وَهَذَا كُلُّهُ وَصْفُ الْعَامِلِينَ الْمُجَاهِدِينَ، وَحَالُ الْقَاعِدِينَ التَّائِبِينَ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُتَخَلِّفِينَ الْمُعْتَذِرِينَ بِالْبَاطِلِ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: ذَكَرُوا فِي بِشْرٍ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، فَقَالَ: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ} [التوبة: 94].

[الْآيَة السَّابِعَة وَالْأَرْبَعُونَ قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً]

ً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ جِمَاعُهَا أَرْبَعَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ أَرْسَلَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُعَلِّمُوا النَّاسَ الْقُرْآنَ وَالْإِسْلَامَ، فَلَمَّا نَزَلَ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجَعَ أُولَئِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهُمْ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

وَقَالَ: هَلَّا جَاءَ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ عَلَى التَّعْلِيمِ الْبَعْضُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015