تُجِيبَنِي؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْت أُصَلِّي. قَالَ لَهُ: أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا أَعُودُ».

فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ لِلْفَرْضِ أَوْ الْقَوْلَ الْفَرْضَ إذَا أُتِيَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُبَيٍّ بِالْإِجَابَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ.

وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إجَابَةِ النَّبِيِّ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الصَّلَاةِ، وَهَلْ تَبْقَى الصَّلَاةُ مَعَهَا أُمّ تَبْطُلُ؟ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى.

وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً]

ً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25].

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَأْوِيلِ الْفِتْنَةِ: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْفِتْنَةُ: الْمَنَاكِيرُ؛ نَهَى النَّاسَ أَنْ يُقِرُّوهَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَيَعُمَّهُمْ الْعَذَابُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

الثَّانِي: أَنَّهَا فِتْنَةُ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، كَمَا قَالَ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28] رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ.

وَقَدْ رَوَى حُذَيْفَةُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حِينَ سَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ الْفِتْنَةِ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي جَارِهِ وَمَالِهِ وَأَهْلِهِ يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015