تُعْطِهِ يَا خَالِدٌ. هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي إمْرَتِي». وَلَوْ كَانَ السَّلَبُ حَقًّا لَهُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لَمَا رَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَا كَانَ النَّاسُ يُنَفِّلُونِ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَفَلَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ. وَلَمْ يَصِحَّ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: النَّفَلُ عَلَى قِسْمَيْنِ: جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ، فَالْجَائِزُ بَعْدَ الْقِتَالِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يُقَالَ قَبْلَ الْقَتْلِ: " مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا ". وَإِنَّمَا كُرِهَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْقِتَالُ فِيهِ لِلْغَنِيمَةِ.
«وَقَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، وَيَحِقُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ الْغَنِيمَةَ؛ وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ فِي الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مَقْصِدُهُ الْمَغْنَمَ خَاصَّةً.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا:
قَوْله تَعَالَى: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] قَوْلُهُ: {لِلَّهِ} [الأنفال: 1] اسْتِفْتَاحُ كَلَامٍ، وَابْتِدَاءٌ بِالْحَقِّ الَّذِي لَيْسَ وَرَاءَهُ مَرْمَى، الْكُلُّ لِلَّهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: (وَالرَّسُولِ) قِيلَ: أَرَادَ بِهِ مِلْكًا. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ وِلَايَةَ قَسَمٍ وَبَيَانَ حُكْمٍ.