وهذا يتفق مع ما اعتبرته الشريعة الإسلامية من وجوب التزام الأطباء، ومساعديهم بالصدق كما سبق بيانه.
وإذا قلنا بوجوب التزام الأطباء ومساعديهم بالصدق في جميع ما يخبرون به المرضى وذويهم فإنه يرد السؤال عن الحالات الخطيرة التي يخشى فيها على المريض لو أخبر بأنه مصاب بمرض جراحي مميت، فلو قام الطبيب بفحص المريض فوجده مصابًا بمرض السرطان فهل يجب عليه أن يصدقه فيخبره بالواقع مع أن ذلك قد يضر المريض نفسيًا، فتزداد حالته سوءًا، أم أنه يجوز له أن يكذب، مراعاة لهذه الظروف الحرجة، ويعتبر ذلك مستثنى من الأصل لمكان الحاجة؟.
فالذي يظهر، والعلم عند الله، أنه لا يجوز للأطباء ومساعديهم أن يكذبوا على المريض في هذه الحالة وأمثالها وذلك لما يأتي:
أولاً: لعموم الأدلة الدالة على تحريم الكذب.
ثانيًا: إن أخبر المريض بحقيقة أمره في هذه الحالة تترتب عليه مصالح شرعية، إذ يمكنه ذلك من الاحتياط لنفسه بالوصية بحقوق الآخرين، وتحصيل الأجر بالاستعداد بخصال الخير من ذكر وصدقه ونحو ذلك من وجوه الطاعة والبر.
وفي الكذب عليه وخديعته ما يفوت هذه المصالح، ويوجب ضدها من المفاسد التي قد تشتمل على إضاعة حقوق الآخرين وذلك مما لا يجوز فعله.
ثالثًا: أن الطبيب إذا خشى على المريض الضرر فيما لو أخبره، فإنه يقوم بإخبار وليه أو قريبه لكي يقوم بإخبار المريض بطريقة مناسبة