أن المريض مصاب بداء جراحي يستلزم التدخل بالجراحة اللازمة لإنقاذ ذلك المريض من آلام ذلك المرض وخطره الذي يهدد حياته، ومع ذلك يقوم بإعطائه بعض العقاقير والأدوية المهدئة، ويعطيه موعدًا في المستقبل قد يطول زمانه مع علمه بخطورة ذلك المرض وما يترتب على تأخير إجراء الجراحة اللازمة له من متاعب وأضرار جسدية ونفسية تؤذي المريض مستقبلاً.

فيمتنع في هذه الحالة من المبادرة بفعل الجراحة لأمور لا تعتبر عذرًا، ولو فرض أنها تعتبر عذرًا فإنه كان بإمكانه أن يقوم بإحالة المريض على غيره من الأطباء الآخرين، ولكنه امتنع من ذلك رجاء الكسب المادي المترتب على قيامه بفعل تلك الجراحة دون نظر إلى مصلحة المريض.

وقد يقوم بعض هؤلاء بوعد المريض حتى إذا جاءه في الزمان المحدد اعتذر عن موعده، وقدم غيره لمكان الكسب المادي أو المعنوي المتعلق بتقديم هذا المريض المتأخر على ذلك المريض السابق له.

ومن هنا نشأت المسئولية الأخلاقية المتعلقة بالجراحة وإن كانت في الحقيقة ثابتة في شرعنا وديننا الحنيف الذي أرسى قواعدها منذ قرون سبقت وجود الجراحة الطبية المعاصرة بحقبة بعيدة من الزمن. ونظرًا لوجود هذه القضايا الأخلاقية وأمثالها، وانتشارها في هذا الزمان الذي ضعف فيه وازع الدين، وقوي سلطان الشهوات الدنيوية على النفوس، وجب النظر في هذه التصرفات الناشئة عن السلوك الشاذ عن المنهج السوي الذي أوجب الله التزامه، وأمر بالأخذ على أيدي المعتدين لحدوده والخارجين عن رسمه وقيوده، خاصة في مثل هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015