إلا بعد أن يكون عالمًا بها، وعنده المعرفة التامة بمراحلها التفصيلية، فإذا لم يتوفر فيه ذلك بأن كان جاهلاً بها بالكلية مثل أن تكون خارجة عن اختصاصه أو جاهلاً ببعض فإنه يحرم عليه فعلها، ويعتبر إقدامه عليها في حال جهله بمثابة الجاني المعتدي على الجسد المحرم بالقطع والجرح ويأخذ حكمه في الآثار المترتبة على فعله من جهة الضمان كما سيأتي بيانه في موضعه -إن شاء الله تعالى-.
وأما اشتراط القدرة على التطبيق وأداء الجراحة على الوجه المطلوب فهو أمر مهم جدًا لا يحكم بتحقق الأهلية إلا بعد وجوده، وذلك لأن العلم بالشيء غير كاف في وصف الإنسان بكونه أهلاً لعمله إذا كان عاجزًا عن أدائه على الوجه المطلوب فالعلم شيء، والتطبيق شيء، ولا يخفى ما تتضمنه الجراحة الطبية من الصور المفزعة والمشاهد المروعة من الدماء والجراحات التي قد يدهش الإنسان منها إذا صدم بها لأول مرة، وقد ينسى من شدة الفزع أمورًا مهمة يكون نسيانها سببًا في هلاك المريض، أو حصول بعض المضاعفات الخطيرة التي تضره في المستقبل، فتلافيا لجميع ذلك لابد للطبيب من أن يتوفر فيه شرط القدرة على التطبيق للمعلومات الجراحية على الوجه المطلوب، ويحصل ذلك عادة بالتجربة، والتدرب على أداء العمل الجراحي تحت إشراف المختصين من الأطباء الجراحين الذين يقومون بتوجيهه وإرشاده، وفي ذلك أكبر عون -بعد توفيق الله عز وجل- على إتقان العمل الجراحي، والقدرة على تطبيق معلوماته بكل يسر وسهولة.
وقد جرت الأعراف الطبية في عصرنا الحاضر بتدريب الطبيب