عقيقة ولو مرة واحدة، فلا يتعين أن يكون المراد به الأضحية كل عام.

وهذا تقرير جوابهم عن الآية، وعندي أنه إذا صح الدليل الثالث؛ صار مبينا للآية، وصارت حجة على الوجوب. والله أعلم.

وقد يقال: إن وجوب النحر الذي تدل عليه هذه الآية خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم شكرا منه لربه على ما أعطاه من الخير الكثير الذي لم يعطه أحد غيره؛ بدليل ترتيبه عليه بالفاء، وبدليل ما يأتي في الدليل الأول للقائلين بعدم الوجوب.

وأجابوا عن الدليل الثاني: بأن الراجح أنه موقوف، ولعل أبا هريرة قاله حين كان والياً على المدينة، قال في ((بلوغ المرام)) : رجح الأئمة وقفه، اه. لكن قال في ((الدراية)) : إن الذي رفعه ثقة.

قلت: وإذا كان الذي رفعه ثقة؛ فالمشهور عند المحدثين أنه إذا تعارض الوقف والرفع، وكان الرافع ثقة فالحكم للرفع؛ لأنه زيادة من ثقة مقبولة، لكن قال في ((الفتح)) : إنه ليس صريحا في الإيجاب.

قلت: هو ليس بصريح في الإيجاب، إذ يحتمل أن منعه من المسجد، وحرمانه من حضور الصلاة ودعوة المسلمين عقوبة له على ترك هذه الشعيرة، وإن لم تكن واجبة، لكن من أجل تأكدها، لكن هو ظاهر في الإيجاب، ولا يلزم في إثبات الحكم أن يكون الدليل صريحا في الدلالة عليه، بل يكفي الظاهر إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه.

وأجابوا عن الدليل الثالث: بأن أحد رواته أبو رملة (عامر) قال في ((التقريب)) : لا يعرف. وقال الخطابي: مجهول والحديث ضعيف المخرج. وقال المعافري: هذا الحديث ضعيف لا يحتج به.

قلت: وقد سبق أن صاحب ((الفتح)) وصف سنده بالقوة؛ لكنه قال: لا حجة فيه؛ لأن الصيغة ليست صريحة في الوجوب المطلق، وقد ذكر معها العتيرة، وليست بواجبة عند من قال بوجوب الأضحية. اهـ.

وقد سبق الجواب بأنه لا يلزم في إثبات الحكم أن يكون الدليل صريحا في الدلالة عليه بل يكفي الظاهر إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه، وأما ذكر العتيرة معها وهي غير واجبة؛ فقد ورد ما يخرجها عن الوجوب بل عن المشروعية عند كثير من أهل العلم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في حديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015