هذه الخمس إذا ذكيت قبل أن تموت؛ فهي حلال، ويعرف عدم موتها بأحد أمرين:
الأول: الحركة، فمتى تحركت بعد ذكاتها بحركة قليلة أو كثيرة بيد أو رجل أو عين أو أذن أو ذنب حلت. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: (إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) إن مصعت بذنبها أو ركضت برجلها أو طرفت بعينها فكل، وقال نحوه غير واحد من السلف، ولأن الحركة دليل بين علي بقاء الروح فيها إذ الميت لا يتحرك.
الأمر الثاني: جريان الدم بقوة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل)) . فمتى ذكيت فجرى منها الدم الأحمر الذي يخرج من المذكى المذبوح عادة حلت وإن لم تتحرك، قاله شيخ الإسلام ابن تيمية، قال: والناس يفرقون بين دم ما كان حياً ودم ما كان ميتاً، فإن الميت يجمد دمه ويسود. قلت: ولذلك يكون باردا بطيئا.
وإذا شك في وجود ما يعرف به عدم الموت بأن شك في حركتها أو في حمرة الدم وجريانه كما يجري دم المذبوح عادة ـ لم تحل الذبيحة؛ لقوله تعالى: (إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) وما شككنا في بقاء حياته ـ لم تتحقق ذكاته.
فإن قيل: الأصل بقاء الحياة فلنحكم به فتحل الذبيحة إلا أن نتيقن الموت.
الجواب: الأصل بقاء الحياة لكن عارضه ظاهر أقوى منه وهو السبب المفضي إلى الموت، فأنيط الحكم به ما لم نتحقق بقاء حياته.
(تنبيه) المنفصل من أكيلة السبع ونحوها قبل ذكاتها ليس بحلال؛ لأنه بائن من حي، وما بان من حي فهو كميته، فإن انفصل شيء من المذكاة قبل موتها فهو حلال، لكن الواجب الانتظار في قطعه حتى تموت.
الشرط التاسع: أن يكون المذكي مأذونا في ذكاته شرعاً، فإن كان غير مأذون فيها شرعاً ـ فهو على قسمين: