الأحكام ما عدا محل النزاع، فكلها أيام منى، وأيام رمي للجمار، وأيام ذكر لله وصيامها حرام، فما الذي يخرج الذبح عن ذلك حتى يختص منها باليومين الأولين؟
والذبح في النهار أفضل، ويجوز في الليل؛ لأن الأيام إذا أطلقت دخلت فيها الليالي، ولذلك دخلت الليالي في الأيام في الذكر حيث كانت وقتا له كما كان النهار وقتا له، فكذلك تدخل في الذبح فتكون وقتا له كالنهار.
ولا يكره الذبح في الليل؛ لأنه لا دليل على الكراهة، والكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل.
وأما ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلا، فقال في ((التلخيص)) : فيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو متروك (?) .
وأما قول بعضهم: يكره الذبح ليلا خروجا من الخلاف؛ فالتعليل ليس حجة شرعية، قال شيخ الإسلام ابن تيمبة: تعليل الأحكام بالخلاف علة باطلة في نفس الأمر، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام، فإنه وصف حادث بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يسلكه من لم يكن عارفا بالأدلة الشرعية في نفس الأمر لطلب الاحتياط. اهـ.
وكثير من المسائل الخلافية لم يراع فيها جانب الخلاف، ولم يؤثر الخلاف فيها شيئا، وها هو الخلاف هنا ثابت في امتداد وقت ذبح الأضحية إلى ما بعد يوم النحر. ولم يقل القائلون بامتداده أنه يكره الذبح فيما بعد يوم العيد، لكن إن قوي دليل المخالف بحيث يثير شبهة؛ كانت مراعاته من باب: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) (?) .