أن يأخذ على مسئوليته بلوغ الزوجين السن القانونية عند عدم الاشتباه، وكان من نتائج ذلك أن هذا القانون قلل من مباشرة الزواج بين صغار السن ولم يمنعه بتاتا.

ومما زاد في صعوبة تنفيذ هذا القانون أن محكمة النقض والإبرام لم تعتبر ذكر الشهود سنا غير حقيقية مع علمهم بالسن الحقيقية جناية تزوير معنوي معاقب عليه بعقوبة التزوير، بناء على أن واقعة السن ليست ركنا أساسيا في عقد الزواج؛ لأن الزواج شرعا بدونها يصح وينفذ ويترتب عليه آثاره الشرعية.

وقد جاء في حكم محكمة النقض والإبرام الصادر في 29 نوفمبر سنة 1930 ما نصه:

"إن الزواج عقد قررته الأحكام الدينية أو المدنية تنظيما لأمر طبيعي لا محيص عنه البتة، وهو الضرورة الدافعة لتلاقي الذكر بالأنثى متى بلغ أيهما حد النضوج الجنسي".

وهذه الضرورة الدافعة يستحيل معها لأي شارع سياسي أن يمس أصل حلية الزواج لأي ذكر وأنثى غير محرمين. وكل ما في الأمر أن ما توجبه الضرورات الاجتماعية من مراعاة الأفراد المتزاوجين مراعاة صحية حميدة الأثر في الأمة تبيح لأولي الأمر من طريق السياسة الشرعية أن يتخذوا من التدابير ما به يقللون جهد الاستطاعة أن يحصل تزاوج بين فردين أحدهما, أو كلاهما لما يبلغ سنا خاصة, معها يغلب على الظن حيازته لدرجة كافية من الخبرة والاتزان العقلي اللازمين لحسن الحال في المعيشة الزوجية ويترجح معها أن الزواج غير مؤذ به.

ولكن مهما تكن تلك التدابير فلا يجوز قطعا أن تصل إلى تحريم الزواج على من لم يبلغ تلك السن، وإلا كان الشارع معاندا للطبيعة فلا تلبث أن تثأر لنفسها بإحباط عمله ومقابلته بفشو الزنا بين صغار السن، ويصبح وقد وقع فيما يريد اتقاءه, وزاد عليه كثرة النسل الضعيف من أولاده الغير الشرعيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015