تمليك الإنسان المنفعة لغيره فرع عن ملكيته لها، إذ لو لم يملكها بنفسه ما أمكنه أن يملكها غيره، وهذا الرأي الثاني هو الراجح.
ومذهب الإمام أحمد أن من أوصى له بالانتفاع ملك الاستغلال، ومن أوصى له بالاستغلال ملك الانتفاع. وهذا مذهب معقول المعنى؛ لأن الموصي ما أراد بوصيته إلا نفع الموصى له. وقد يتعذر على الموصى له أن ينتفع بنفسه لبعد الدار الموصى بها عن محل إقامته, أو ضيقها عن حاجته أو لأي سبب، فإذا لم يكن له الاستغلال بقيت الدار في مثل هذه الحالات معطلة, وضاع غرض الموصي من نفع الموصى له. وهذا الخلاف جار أيضا فيمن وقف دارا على فلان ليسكنها1.
وأما الثاني فإذا أطلق الموصي بالمنفعة وصيته أو نص على الأبد، كما إذا قال أوصيت لفلان بسكنى منزلي أو بسكنى منزلي أبدا، كان للموصى له الانتفاع ما دام حيا، فإذا مات ترد العين الموصى بمنفعتها إلى ورثة الموصي. وإذا حدد مدة كان للموصى له الانتفاع في المدة المحددة فقط. فإذا قال أوصيت لفلان بسكنى داري أو محصول أرضي سنة، فله ذلك بعد موت الموصى سنة فقط. وإذا قال أوصيت لفلان بسكنى داري السنة الثالثة بعد مماتي فله السكنى تلك السنة، وبعد المدة المحددة تعود العين إلى ورثة الموصي. فالوصية بالمنفعة ينتهي أمدها بانتهاء المدة إذا حددت لها مدة. وبانتهاء حياة الموصى له إذا أطلقت عن تحديد مدة أو نص فيها على الأبد. ولا تنتقل المنفعة إلى ورثة الموصى له؛ لأنهم غير موصى لهم بها؛ ولأن المنافع لا تورث وحدها، بل تورث تبعا لإرث الأعيان.
حكم الوصية:
إذا تمت الوصية باستيفاء ركنها وشروطها ترتب عليها حكمها، وهو ثبوت الملك بعد موت الموصي للموصى له فيما أوصى له به. فإذا كان موصى له