لما كان المشاع لا يقبل القسمة كان القبض الكامل غير ممكن، فاكتفى بالقبض الناقص الممكن, وهو القبض على الشيوع، والأصل في هذا أن النص شرط القبض. والقبض عند الإطلاق ينصرف إلى القبض الكامل، فحيث أمكن القبض الكامل لا تنتقل الملكية إلا به، وحيث لا يمكن يكتفى بالقبض الناقص.
والمراد بما يقبل القسمة ما يبقى منتفعا بأجزائه بعد القسمة, الانتفاع الذي كان منتفعا به قبلها, كعشرة أفدنة من خمسين فدانا، أو نصف منزل كبير يقبل أن يقسم منزلين. والمراد بما لا يقبل القسمة ما لا يبقى منتفعا به بعد القسمة الانتفاع الذي كان قبلها بأن كان لا يبقى منتفعا به أصلا، كحبة من اللؤلؤ لو قسمت لا ينتفع بها, أو يبقى منتفعا به, ولكن بغير الانتفاع الأول كبقرة أو منزل صغير.
ومن هذا يتبين أن المشاع سواء أكان يقبل القسمة أم لا يقبلها تصح هبة جزء معين منه، وأن شيوع الموهوب في غيره لا يبطل هبته غير أنه إن كان شائعا فيما يقبل القسمة لا يملك إلا بالقبض الكامل, أي: بالإفراز والحيازة، وإن كان شائعا فيما لا يقبل القسمة ملك بالقبض الناقص وهو قبضه على الشيوع.
هبة المتصل بغيره:
إذا كان الشيء الموهوب متصلا بغيره فإما أن يكون اتصاله اتصال ملاصقة أو اتصال جوار. واتصال الملاصقة إما أن يكون خلفيا كاتصال الزرع بالأرض والثمر بالشجر أو صناعيا كاتصال البناء بالأرض. واتصال الجوار كاتصال الدار بالأثاث الموضوع فيها. واتصال الأثاث بالدار، والهبة مع هذا الاتصال بكل أنواعه صحيحة، ولا تنتقل الملكية بها إلا بالقبض، غير أنه في اتصال الملاصقة بنوعيه: الخلقي والصناعي, وفي أحد نوعي اتصال الجوار هو ما إذا كان الموهوب مشغولا بما اتصل به، لا تنتقل الملكية إلا بالقبض الكامل, أي: بفصل الموهوب مما اتصل به, وتسليمه للموهوب له وحده. وأما في النوع الآخر من اتصال الجوار وهو أن يكون الموهوب شاغلا لما اتصل به فإنه تنتقل الملكية بالقبض الناقص