وأما إذا كان ماله أو كسبه على قدر حاجته فقط، فلا يجب عليه الإنفاق على غيره. ويراعى في تقديرها كفاية من تجب له لا يسار من تجب عليه. والعلة في هذا كله أنها تجب لسد الحاجة فلا تجب إلا لمحتاج، على قادر، وبمقدار ما يسد الحاجة.

"ثالثا" من جهة الشرط فيمن تجب عليه:

أما نفقة الزوجة فتجب على زوجها مهما كانت حاله من يسر أو عسر أو قدرة على الكسب أو عجز عنه.

وأما نفقة الفرع على أصله والأصل على فرعه، فيشترط فيمن تجب عليه القدرة على الكسب لا اليسار. ولذلك إذا كان الأب معسرا قادرا على الكسب تجب عليه نفقة أولاده المستحقين للنفقة, ولا يمنع إعساره من إيجابها عليه ما دام قادرا على الكسب، وتؤمر أمهم إذا كانت موسرة بأداء ما وجب على الأب لأولاده منها، على أن يكون ما تنفقه دينا لها ترجع به على الأب إذا أيسر. وإذا كان الابن كسوبا ذا عيال وليس لكسبه فضل عن نفسه وعن عياله، وله أب فقير لا كسب له أجير الابن على ضم أبيه إلى عياله، ولا يجبر على أن يعطيه شيئا على حدة، والأم في هذا كالأب.

وأما نفقة ذوي الأرحام بعضهم على بعض، فيشترط فيمن تجب عليه اليسار لا مجرد القدرة على الكسب، فالقريب غير الموسر لا تجب عليه نفقة.

واختلف في تحديد هذا اليسار. فروى عن أبي يوسف أن من ملك نصابا فاضلا عن حاجاته الأصلية، ولو كان غير نام، اعتبر موسرا في حق نفقة ذوي الأرحام. وقال محمد: الموسر في باب النفقات هو من في كسبه فضل عن نفقة نفسه ونفقة عياله، وهذا هو الذي عليه العمل في المحاكم الشرعية المصرية.

"رابعا" من جهة صيرورة النفقة الواجبة دينا على من تجب عليه. فنفقة الزوجة التي سلمت نفسها لزوجها ولو حكما تعتبر على ما عليه العمل الآن دينا صحيحا في ذمة زوجها, من وقت امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه بلا توقف على قضاء أو تراض منهما. ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء. ولهذا كان للزوجة أن تطلب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015