"الثاني" أن يكون الأب قادرا على نفقتهم بأن يكون غنيا أو كسوبا يكسب من عمله ما يفي بحاجته وحاجتهم: بناء على هذا تتفرع الأحكام الآتية:
الابن إذا كان فقيرا صغيرا وأبوه غني أو كسوب تجب نفقته على أبيه بأنواعها من طعام وكسوة وسكنى وأجرة رضاع وحضانة, وكل ما يحتاج إليه الصغير مما يقدر عليه أبوه.
فإذا بلغ الابن الفقير سنا يكون فيها أهلا للكسب سواء كانت سن البلوغ أو قبله، فإن كان قادرا على الكسب وليس به مانع يمنعه منه فلا تجب نفقته على أبيه, بل تكون نفقته في كسبه، وللأب أن يضعه في عمل أو حرفة يكتسب منها وينفق عليه من كسبه، فإن لم يف كسبه بنفقته فعلى الأب تكميل كفايته، وإن كان عاجزا عن الكسب لشلل أو عاهة أو أي مرض يعجزه عن الكسب فنفقته بأنواعها واجبة له على أبيه؛ لأن عجز الكبير عن الكسب يجعله في حكم الصغير. ومن الكبار العاجزين عن الكسب أولاد الأشراف الذين لا يستأجرون للأعمال. وطلبة العلم الذين يشغلهم تعلمه عن كسب الرزق ولا يهتدون إلى طرقه. فهؤلاء تجب لهم النفقة وهم كبار أصحاء.
وأما البنت فإذا كانت فقيرة صغيرة وأبوها غني, أو كسوب فنفقتها بأنواعها واجبة لها على أبيها، وكذلك إذا كبرت وهي فقيرة فنفقتها واجبة على أبيها، سواء كانت قادرة على الكسب أو عاجزة عنه، لكن إذا اكتسبت فعلا من وظيفة أو حرفة فلا تجب نفقتها على أبيها، بل تكون نفقتها فيما كسبته؛ لأنها استغنت به، إلا إذا كان ما كسبته لا يفي بحاجتها فعلى أبيها تكميل كفايتها.
فإذا تزوجت سقط وجوب نفقتها عن أبيها ووجبت نفقتها على زوجها، فإذا طلقت وانقضت عدتها من مطلقها وصارت لا نفقة لها على زوجها عاد وجوب نفقتها على أبيها، وكذلك إذا كانت زوجيتها قائمة وسقط وجوب نفقتها عن زوجها بسبب نشوزها مثلا تجب نفقتها على أبيها ما دامت ناشزا.