ليس للأب أن ينقل الصغير من البلد الذي تقيم فيه حاضنته؛ لأن في هذا تفويت حقها. وأنه ليس للأب أن يأخذه من يد حاضنته المستوفية شروط الحضانة ليعطيه من دونها في المرتبة؛ لأن هذا إضاعة لحقها، إلا في حال المتبرعة على التفصيل الآتي.
ويراعى التفريق بين نفس الحضانة والأجرة عليها. فالحضانة نفسها ليست حقا خالصا للحاضنة بل فيها حقها وحق الصغير على ما بينا. وأما الأجرة عليها فهي خالص حقها فلها أن تصالح عليه وتختلع نفسها بها وتتنازل عنها؛ لأن صاحب الحق يتصرف في خالص حقه كيف شاء.
التبرع بالحضانة: إذا أبت أم الصغير أن تحضنه إلا بأجر ووجدت من محارمه من هي أهل لحضانته. كجدته لأبيه أو عمته تتبرع بحضانته، فإن كان الأجر مستحقا على الصغير في ماله بأن كان له مال ونفقته بأنواعها واجبة فيه، فإنه يسلم للمتبرعة؛ لأن في هذا صيانة ماله من غير إضرار به؛ لأن المتبرعة بحضانته ليست أجنبية عنه بل هي من محارمه.
وإن لم يكن للصغير مال وكان أجر حضانته مستحقا على الأب، فإن كان الأب موسرا لا يعطى للمتبرعة بل يبقى عند أمه, ويجبر الأب على دفع أجرتها؛ لأن حضانة الأم أصلح للولد من حضانة غيرها لوفور شفقتها, ولا ضرر على الأب لأنه موسر. وإن كان معسرا يعطى للمتبرعة؛ لأن في إلزامه بالأجر مع إعساره إضرار به, ولا تقتضيه ضرورة مع وجود المتبرعة من المحارم.
ومن المقارنة بين التبرع بالرضاعة والتبرع بالحضانة يتبين أن بين أحكامها فرقا من وجهين:
"الأول" أنه لا فرق في المتبرعة بالرضاعة بين أن تكون قريبة للطفل أو أجنبية منه. وقد اشترطنا في المتبرعة بالحضانة أن تكون من محارم الصغير التي هي أهل لحضانته، بحيث إذا كانت المتبرعة بحضانته أجنبية منه أو محرما فاقدة شرطا من شروط الحاضنة لا يلتفت إليها, وكأنه لم توجد متبرعة.