"وثانيها" تحديد العلاقة بين الزوجين وبيان حقوق كل منهما قبل الآخر وواجباته عليه؛ لأنه ما دام اجتماع الذكور بالإناث من الضرورات التي اقتضتها الفطرة الجنسية لا بد من تشريع نظام يقوم على أساسه هذا الاجتماع حتى يأمن أحدهما عدوان صاحبه ويثمر الاجتماع ثمرته المقصودة من تعاون الزوجين, وقيام الزوج بأعباء الحياة الخارجية وقيام الزوجة بالشئون المنزلية, وسكون أحدهما إلى الآخر وأنسه به واطمئنانه إليه وتبادلهما المودة والرحمة التي أشار الله سبحانه إليها بقوله في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .
"وثالثها" تحصين النفس وقضاء حاجاتها الجنسية من الطريق التي أحلها الله, والبعد بها عن انتهاك الحرمات. وفي هذا حفظ الأخلاق والأعراض ووقاية من الشحناء والبغضاء. قال الله تعالى في سورة النساء بعد بيان المحرمات: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} ، أي: إن الله سبحانه أحل لكم من النساء ما عدا هذه المحرمات التي بينها لتبتغوها بأموالكم ومهوركم حلائل لكم قاصدين تحصين أنفسكم من الوقوع في الحرام والزنا. وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء1".
وروى البيهقي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي".
فالزواج نظام إلهي شرعه الله لمصلحة المجتمع الإنساني وسعادة أفراده وحفظ كيان الأسرة التي هي عماد الأمة، ولهذا حث عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورغب فيه بعدة أحاديث صحيحة.