. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQارْتَفَعَ الْمَنْعُ الَّذِي كَانَ مَمْدُودًا إلَى اسْتِعْمَالِ الْمُطَهِّرِ.

وَبِهَذَا التَّحْقِيقِ يَقْوَى قَوْلُ مَنْ يَرَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ.

؛ لِأَنَّا لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرْتَفِعَ: هُوَ الْمَنْعُ مِنْ الْأُمُورِ الْمَخْصُوصَةِ، وَذَلِكَ الْمَنْعُ مُرْتَفِعٌ بِالتَّيَمُّمِ.

فَالتَّيَمُّمُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ.

غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ: أَنَّ رَفْعَهُ لِلْحَدَثِ مَخْصُوصٌ بِوَقْتٍ مَا، أَوْ بِحَالَةٍ مَا.

وَهِيَ عَدَمُ الْمَاءِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبِدْعٍ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا. وَقَدْ كَانَ الْوُضُوءُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ، عَلَى مَا حَكَوْهُ وَلَا نَشُكُّ أَنَّهُ كَانَ رَافِعًا لِلْحَدَثِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ.

وَهُوَ وَقْتُ الصَّلَاةِ.

وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ انْتِهَائِهِ بِانْتِهَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ: أَنْ لَا يَكُونَ رَافِعًا لِلْحَدَثِ.

ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.

وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ؛ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ.

وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَقُولُ: إنَّ الْوُضُوءَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ.

نَعَمْ هَهُنَا مَعْنًى رَابِعٌ، يَدَّعِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَدَثَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ مُقَدَّرٌ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ.

وَيُنْزِلُونَ ذَلِكَ الْحُكْمِيَّ مَنْزِلَةَ الْحِسِّيِّ فِي قِيَامِهِ بِالْأَعْضَاءِ.

فَمَا نَقُولُ: إنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ - كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ - يُزِيلُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الْحُكْمِيَّ.

فَيَزُولُ الْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُقَدَّرِ الْحُكْمِيِّ.

وَمَا نَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، فَذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ الْقَائِمُ بِالْأَعْضَاءِ حُكْمًا بَاقٍ لَمْ يَزُلْ.

وَالْمَنْعُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ زَائِلٌ.

فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ نَقُولُ: إنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ الْمُقَدَّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ زَائِلًا.

وَحَاصِلُ هَذَا: أَنَّهُمْ أَبْدَوْا لِلْحَدَثِ مَعْنًى رَابِعًا، غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَعَانِي.

وَجَعَلُوهُ مُقَدَّرًا قَائِمًا بِالْأَعْضَاءِ حُكْمًا، كَالْأَوْصَافِ الْحِسِّيَّةِ، وَهُمْ مُطَالَبُونَ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى إثْبَاتِ هَذَا الْمَعْنَى الرَّابِعِ، الَّذِي ادَّعَوْهُ مُقَدَّرًا قَائِمًا بِالْأَعْضَاءِ، فَإِنَّهُ مَنْفِيٌّ بِالْحَقِيقَةِ، وَالْأَصْلُ مُوَافَقَةُ الشَّرْعِ لَهَا، وَيَبْعُدُ أَنْ يَأْتُوا بِدَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَقْرَبُ مَا يُذْكَرُ فِيهِ: أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ قَدْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمَانِعُ، كَمَا يُقَالُ، وَالْمَسْأَلَةُ مُتَنَازَعٌ فِيهَا.

فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.

وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ طَهُورِيَّتِهِ أَوْ بِنَجَاسَتِهِ: لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ انْتِقَالُ مَانِعٍ إلَيْهِ.

فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ " الْحَدَثَ " عَامًّا فِيمَا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ، فَإِذَا حُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ - أَعْنِي قَوْلَهُ «إذَا أَحْدَثَ» - جَمَعَ أَنْوَاعَ النَّوَاقِضِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015