367 - الْحَدِيثُ السَّابِعُ: عَنْ «ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ.» وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ.» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا، لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا قِلَّةً.»
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «شَاهِدَاكَ، أَوْ يَمِينُهُ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَيْسَ لَك إلَّا ذَلِكَ» . وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ: أَنَّ " أَوْ " تَقْتَضِي أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ، فَلَوْ أَجَزْنَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ التَّحْلِيفِ: لَكَانَ لَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا - أَعْنِي الْيَمِينَ، وَإِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ - مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي: أَنَّ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَحَدُهُمَا.
وَقَدْ يُقَالُ فِي هَذَا: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَلَامِ نَفْيُ طَرِيقٍ أُخْرَى لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ، فَيَعُودُ الْمَعْنَى إلَى حَصْرِ الْحُجَّةِ فِي هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ - أَعْنِي الْبَيِّنَةَ وَالْيَمِينَ - إلَّا أَنَّ هَذَا قَلِيلُ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُنَاظَرَةِ. وَفَهْمُ مَقَاصِدِ الْكَلَامِ نَافِعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّظَرِ. وَلِلْأُصُولِيَّيْنِ فِي أَصْلِ هَذَا الْكَلَامِ بَحْثٌ، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى هَذَا حَقَّ التَّنْبِيهِ - أَعْنِي اعْتِبَارَ مَقَاصِدِ الْكَلَامِ - وَبَسَطَ الْقَوْلَ فِيهِ إلَّا أَحَدُ مَشَايِخِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ بَعْضُ الْمُتَوَسِّطِينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ. وَهُوَ عِنْدِي قَاعِدَةٌ صَحِيحَةٌ، نَافِعَةٌ لِلنَّاظِرِ فِي نَفْسِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُنَاظِرَ الْجَدَلِيَّ: قَدْ يُنَازَعُ فِي الْمَفْهُومِ وَيَعْسُرُ تَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.