وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ عُمَرُ " فَوَاَللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْهَا، ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا ".

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثُ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ]

يَعْنِي: حَاكِيًا عَنْ غَيْرِي أَنَّهُ حَلَفَ بِهَا. الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الذَّاتِ وَبِالصِّفَاتِ الْعَلِيَّةِ، وَأَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِ ذَلِكَ: فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْمَنْعِ هَلْ هُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ، أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ؟ وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: مَا يُبَاحُ بِهِ الْيَمِينُ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَسْمَاءِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ.

وَالثَّانِي: مَا تَحْرُمُ الْيَمِينُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ، كَالْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ، وَاَللَّاتِي وَالْعُزَّى، فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهَا فَهُوَ كُفْرٌ كَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مُعَلِّقًا لِلْقَوْلِ فِيهِ، حَيْثُ يَقُولُ " فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهَا فَكُفْرٌ، وَإِلَّا فَحَرَامٌ ".

الْقَسَمُ بِالشَّيْءِ تَعْظِيمٌ لَهُ وَسَيَأْتِي حَدِيثٌ يَدُلُّ إطْلَاقُهُ عَلَى الْكُفْرِ لِمَنْ حَلَفَ بِبَعْضِ ذَلِكَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِدَلَالَةِ الْيَمِينِ بِالشَّيْءِ عَلَى التَّعْظِيمِ لَهُ.

الثَّالِثُ: مَا يُخْتَلَفُ فِيهِ بِالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمُهُ كُفْرًا. وَفِي قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا " مُبَالَغَةٌ فِي الِاحْتِيَاطِ وَأَنْ لَا يَجْرِيَ عَلَى اللِّسَانِ مَا صُورَتُهُ صُورَةُ الْمَمْنُوعِ شَرْعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015