355 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ» - وَفِي لَفْظٍ: «ثَمَنُهُ - ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْفِقْهِيَّةِ دَاخِلًا تَحْتَ إطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فَإِنَّهُ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهَا، وَمَا لَا فَبَعْضُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ فَهْمِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْحَدِيثِ، وَبَعْضُهُ مَأْخُوذٌ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ، أَصْلًا وَقَدْرًا، أَمَّا الْأَصْلُ: فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ، وَشَذَّ الظَّاهِرِيَّةُ فَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَقَالُوا بِالْقَطْعِ فِيهِمَا، وَنُقِلَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ حِكَايَةُ فِعْلٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَطْعِ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ فِعْلًا - عَدَمُ الْقَطْعِ فِيمَا دُونَهُ نُطْقًا.
وَأَمَّا الْمِقْدَارُ: فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى أَنَّ النِّصَابَ رُبْعُ دِينَارٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي يُقَوَّمُ مَا عَدَا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إنَّ النِّصَابَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَيُقَوَّمُ مَا عَدَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ، وَمَالِكٌ يَرَى: أَنَّ النِّصَابَ رُبْعُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَكِلَاهُمَا أَصْلٌ، وَيُقَوَّمُ مَا عَدَاهُمَا بِالدِّرْهَمِ. وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ: فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَأَنَّ الدِّينَارَ كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَرُبْعَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَعْنِي صَرْفَهُ، وَلِهَذَا قُوِّمَتْ الدِّيَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ الْوَرِقِ، وَأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْفِضَّةَ أَصْلٌ فِي التَّقْوِيمِ فَإِنَّ الْمَسْرُوقَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقُوِّمَ بِالْفِضَّةِ دُونَ الذَّهَبِ: دَلَّ عَلَى أَنَّهَا