354 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْ أَنَّ رَجُلًا - أَوْ قَالَ: امْرَأً - اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إذْنِكَ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ: مَا كَانَ عَلَيْك جُنَاحٌ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ الْمُحْصَنِ رَجَمَهُ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي الْإِحْصَانِ. وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَرَجْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودِيَّيْنِ، وَاعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْهُ بِأَنْ قَالُوا: رَجَمَهُمَا بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ، وَأَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَمَا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَادَّعَوْا أَنَّ آيَةَ حَدِّ الزِّنَا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ مَنْسُوخًا. وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْقِيقِ التَّارِيخِ أَعْنِي ادِّعَاءَ النَّسْخِ. وَقَوْلُهُ " فَرَأَيْت الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ " الْجَيِّدُ فِي الرِّوَايَةِ " يَجْنَأُ " بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَالْهَمْزَةِ: أَيْ يَمِيلُ، وَمِنْهُ الْجَنَى، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَبَدَّلَتْنِي بِالشَّطَاطِ الْجَنَى ... وَكُنْت كَالصَّعْدَةِ تَحْتَ السِّنَانِ
وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ اللَّفْظَةَ بِالْحَاءِ، يُقَالُ: حَنَا الرَّجُلُ يَحْنُو إذَا أَكَبَّ عَلَى الشَّيْءِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
حُنُوُّ الْعَابِدَاتِ عَلَى وِسَادِي.
أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَبَاهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَقَالُوا: لَا يَقْصِدُ عَيْنَهُ وَلَا غَيْرَهَا. وَقِيلَ: يَجِبُ الْقَوَدُ إنْ فَعَلَ، وَمِمَّا قِيلَ فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ: أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُدْفَعُ بِالْمَعْصِيَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ كَوْنُهُ مَعْصِيَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُلْحَقُ ذَلِكَ بِدَفْعِ الصَّائِلِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً النَّظَرُ إلَى ذَاتِهَا، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ هَذَا السَّبَبِ فَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ. وَتَصَرَّفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِأَنْوَاعٍ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ.