. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
" الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ مِنْ أَكَابِرِ التَّابِعِينَ وِسَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ مَشَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ الْمَذْكُورِينَ وَفَضَائِلُهُ كَثِيرَةٌ " جُنْدُبٌ " بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ الْعَلَقِيُّ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ - وَالْعَلَقُ: بَطْنٌ مِنْ بَجِيلَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْسُبُهُ إلَى جَدِّهِ فَيَقُولُ: جُنْدُبُ بْنُ سُفْيَانَ كُنْيَتُهُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَانَ بِالْكُوفَةِ، ثُمَّ صَارَ إلَى الْبَصْرَةِ، " وَحَزَّ يَدَهُ " قَطَعَهَا، أَوْ بَعْضَهَا، " وَرَقَأَ الدَّمُ " بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْقَافِ وَالْهَمْزِ: ارْتَفَعَ وَانْقَطَعَ، وَفِي الْحَدِيثِ إشْكَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ " بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ " وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْآجَالِ وَأَجَلُ كُلِّ شَيْءٍ: وَقْتُهُ يُقَالُ: بَلَغَ أَجَلُهُ، أَيْ تَمَّ أَمَدُهُ، وَجَاءَ حِينُهُ، وَلَيْسَ كُلُّ وَقْتٍ أَجَلًا، وَلَا يَمُوتُ أَحَدٌ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ إلَّا بِأَجَلِهِ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ بِأَنَّهُ يَمُوتُ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَمَا عَلِمَهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ فَعَلَى هَذَا: يَبْقَى قَوْلُهُ " بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ " يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ: أَنَّ الْأَجَلَ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ.
الثَّانِي قَوْلُهُ " حَرَّمَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " فَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْ يَرَى بِوَعِيدِ الْأَبَدِ وَهُوَ مُؤَوَّلٌ عِنْدَ غَيْرِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَنَّةِ بِحَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ، كَالتَّخْصِيصِ بِزَمَنٍ، كَمَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا مَعَ السَّابِقِينَ، أَوْ يَحْمِلُونَهُ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ مُسْتَحْلِلًا فَيَكْفُرُ بِهِ، وَيَكُونُ مُخَلَّدًا بِكُفْرِهِ، لَا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ. وَالْحَدِيثُ: أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ النَّفْسِ، سَوَاءً كَانَتْ نَفْسُ الْإِنْسَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَيْسَتْ مِلْكَهُ أَيْضًا، فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ.