ـــــــــــــــــــــــــــــQتَأْوِيلِ اللَّفْظِ بِإِضْمَارِ " بَدَلَ صَاحِبِكُمْ " وَالْإِضْمَارُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَى إضْمَارٍ لَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِي إرَاقَةَ الدَّمِ أَقْرَبَ، وَالْمَسْأَلَةُ مُسْتَشْنَعَةٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِينَ لِهَذَا الْمَذْهَبِ أَوْ بَعْضِهِمْ فَرُبَّمَا أَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ " دَمَ صَاحِبِكُمْ " هُوَ الْقَتِيلُ، لَا الْقَاتِلُ، وَيَرْدُدْهُ قَوْلُهُ " دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلَكُمْ ".
الْعَاشِرَةُ: لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا وَاحِدٌ، خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لِمَالِكٍ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيُدْفَعَ بِرُمَّتِهِ» فَإِنَّهُ لَوْ قَتَلَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ " بِرُمَّتِهِ " مَضْمُومُ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدُ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ، وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِإِسْلَامِهِ لِلْقَتْلِ، وَفِي أَصْلِهِ فِي اللُّغَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمْ: إنَّ " الرُّمَّةَ " حَبْلٌ يَكُونُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ، فَإِذَا قُيِّدَ أُعْطِيَ بِهِ.
وَالثَّانِي: إنَّهُ حَبْلٌ يَكُونُ فِي عُنُقِ الْأَسِيرِ، فَإِذَا أُسْلِمَ لِلْقَتْلِ سُلِّمَ بِهِ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا تَعَدَّدَ الْمُدَّعُونَ فِي مَحَلِّ الْقَسَامَةِ، فَفِي كَيْفِيَّةِ أَيْمَانِهِمْ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا.
الثَّانِي: أَنَّ الْجَمِيعَ يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ وَقَعَ كَسْرٌ تُمِّمَ، فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ اثْنَيْنِ مَثَلًا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَإِنْ اقْتَضَى التَّوْزِيعُ كَسْرًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى - كَمَا إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً - كَمَّلْنَا الْكَسْرَ، فَحَلَفَ سَبْعَةَ عَشْرَ يَمِينًا.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ " قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَسْأَلَةٌ مَا إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ. .
الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: الْحَدِيثُ وَرَدَ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتِيلٍ حُرٍّ، وَهَلْ تَجْرِي الْقَسَامَةُ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَكَأَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ: أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ - أَعْنِي الْحُرِّيَّةَ - هَلْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْبَابِ، أَوْ اعْتِبَارٌ، أَمْ لَا؟ فَمَنْ اعْتَبَرَهُ يَجْعَلُهُ جُزْءًا مِنْ الْعِلَّةِ، إظْهَارًا لِشَرَفِ الْحُرِّيَّةِ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ، قَالَ: إنَّ السَّبَبَ فِي الْقَسَامَةِ: إظْهَارُ الِاحْتِيَاطِ فِي الدِّمَاءِ وَالصِّيَانَةُ مِنْ إضَاعَتِهَا.