(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى أَنْ قَالَ:
وَالرَّأْيُ عِنْدِي أَنْ يُؤَدِّبَهُ الْإِمَا ... مُ بِكُلِّ تَأْدِيبٍ يَرَاهُ صَوَابَا
وَيَكُفَّ عَنْهُ الْقَتْلَ طُولَ حَيَاتِهِ ... حَتَّى يُلَاقِيَ فِي الْمَآبِ حِسَابَا
فَالْأَصْلُ عِصْمَتُهُ إلَى أَنْ يَمْتَطِي ... إحْدَى الثَّلَاثِ إلَى الْهَلَاكِ رِكَابَا
الْكُفْرُ أَوْ قَتْلُ الْمُكَافِي عَامِدًا ... أَوْ مُحْصَنٌ طَلَبَ الزِّنَا فَأَصَابَا
فَهَذَا مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَتْبَاعِ مَالِكٍ، اخْتَارَ خِلَافَ مَذْهَبِهِ فِي تَرْكِ قَتْلِهِ. وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ - أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ - اسْتَشْكَلَ قَتْلَهُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا. وَجَاءَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ أَدْرَكْنَا زَمَنَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُزِيلَ الْإِشْكَالَ. فَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ: أَنَّهُ وَقَفَ الْعِصْمَةَ عَلَى مَجْمُوعِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْمُرَتَّبُ عَلَى أَشْيَاءَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِحُصُولِ مَجْمُوعِهَا وَيَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ بَعْضِهَا. وَهَذَا إنْ قَصَدَ بِهِ الِاسْتِدْلَالَ بِالْمَنْطُوقِ - وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى إلَخْ " فَإِنَّهُ يَقْتَضِي بِمَنْطُوقِهِ: الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، فَقَدْ وَهَلَ وَسَهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الشَّيْءِ وَالْقَتْلِ عَلَيْهِ فَإِنَّ " الْمُقَاتِلَةَ " مُفَاعِلَةٌ، تَقْتَضِي الْحُصُولَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى الصَّلَاةِ إذَا قُوتِلَ عَلَيْهَا - إبَاحَةُ الْقَتْلِ عَلَيْهَا مِنْ الْمُمْتَنِعِ عَنْ فِعْلِهَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَلَا إشْكَالَ بِأَنَّ قَوْمًا لَوْ تَرَكُوا الصَّلَاةَ وَنَصَبُوا الْقِتَالَ عَلَيْهَا: أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ. إنَّمَا النَّظَرُ وَالْخِلَافُ: فِيمَا إذَا تَرَكُوا إنْسَانًا مِنْ غَيْرِ نَصْبِ قِتَالٍ: هَلْ يُقْتَلُ أَمْ لَا؟ فَتَأَمَّلْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُقَاتَلَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْقَتْلِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إبَاحَةِ الْمُقَاتَلَةِ عَلَيْهَا إبَاحَةُ الْقَتْلِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أُخِذَ هَذَا مِنْ لَفْظِ آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ تَرْتِيبُ الْعِصْمَةِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ: فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَتَرَتَّبُ بِفِعْلِ بَعْضِهِ: هَانَ الْخَطْبُ؛ لِأَنَّهَا دَلَالَةُ مَفْهُومٍ وَالْخِلَافُ فِيهَا مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ وَبَعْضُ مَنْ يُنَازِعُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَقُولُ