. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَفَتْ هَذِهِ الثَّمَرَةُ نُفِيَتْ الْبُنُوَّةُ مُبَالَغَةً.
وَأَمَّا مَنْ وَصَفَ غَيْرَهُ بِالْكُفْرِ فَقَدْ رَتَّبَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ " حَارَ عَلَيْهِ " بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ رَجَعَ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] أَيْ يَرْجِعَ حَيًّا، وَهَذَا وَعِيدٌ عَظِيمٌ لِمَنْ أَكْفَرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَهِيَ وَرْطَةٌ عَظِيمَةٌ وَقَعَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْعَقَائِدِ فَغَلَّظُوا عَلَى مُخَالِفِيهِمْ، وَحَكَمُوا بِكُفْرِهِمْ، وَخَرَقَ حِجَابَ الْهَيْبَةِ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَشْوِيَّةِ، وَهَذَا الْوَعِيدُ لَاحِقٌ بِهِمْ إذَا لَمْ يَكُنْ خُصُومُهُمْ كَذَلِكَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي التَّكْفِيرِ وَسَبَبِهِ، حَتَّى صُنِّفَ فِيهِ مُفْرَدًا، وَاَلَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ النَّظَرُ فِي هَذَا: أَنَّ مَآلَ الْمَذْهَبِ: هَلْ هُوَ مَذْهَبٌ أَوْ لَا؟ فَمَنْ أَكْفَرَ الْمُبْتَدِعَةَ قَالَ: إنَّ مَآلَ الْمَذْهَبِ مَذْهَبٌ فَيَقُولُ: الْمُجَسِّمَةُ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّهُمْ عَبَدُوا جِسْمًا، وَهُوَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُمْ عَابِدُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ كَفَرَ، وَيَقُولُ: الْمُعْتَزِلَةُ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّهُمْ - وَإِنْ اعْتَرَفُوا بِأَحْكَامِ الصِّفَاتِ - فَقَدْ أَنْكَرُوا الصِّفَاتِ وَيَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الصِّفَاتِ إنْكَارُ أَحْكَامِهَا، وَمَنْ أَنْكَرَ أَحْكَامَهَا فَهُوَ كَافِرٌ. وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزِلَةُ تَنْسِبُ الْكُفْرَ إلَى غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْمَآلِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، إلَّا بِإِنْكَارِ مُتَوَاتِرٍ مِنْ الشَّرِيعَةِ عَنْ صَاحِبِهَا، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِلشَّرْعِ، وَلَيْسَ مُخَالَفَةُ الْقَوَاطِعِ مَأْخَذًا لِلتَّكْفِيرِ وَإِنَّمَا مَأْخَذُهُ مُخَالَفَةُ الْقَوَاعِدِ السَّمْعِيَّةِ الْقَطْعِيَّةِ طَرِيقًا وَدَلَالَةً.
وَعَبَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْأُصُولِ عَنْ هَذَا بِمَا مَعْنَاهُ: إنَّ مَنْ أَنْكَرَ طَرِيقَ إثْبَاتِ الشَّرْعِ لَمْ يَكْفُرْ، كَمَنْ أَنْكَرَ الْإِجْمَاعَ، وَمَنْ أَنْكَرَ الشَّرْعَ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِطَرِيقِهِ كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُكَفِّرُ إلَّا مَنْ كَفَّرَنِي، وَرُبَّمَا خَفِيَ سَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَحَمَلَهُ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِهِ الصَّحِيحِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ قَدْ لَمَحَ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ - وَلَيْسَ كَذَلِكَ - رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ، وَكَذَلِكَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ: كَافِرٌ: فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» وَكَأَنَّ هَذَا الْمُتَكَلِّمَ يَقُولُ: الْحَدِيثُ